خائنة اللفظ - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

خائنة اللفظ
حسام عباس - 02\09\2009

باحثاً في سلاسلِ الوقت الأسمر عن رغيفِ خبزٍ لوجعٍ عاري
باحثاً في لغةِ المبتدأ المشتهى عن قيثارةٍ في أدبِ الانفعالِ
باحثاً في صحراءِ الرئةِ المرتبكةِ عن ضمةٍ فوقَ الحرفِ الأولِ
باحثاً بذوقِ الرصاص النبيل عن ثأرٍ لأنين البلاغةِ في هواجسِ الكلماتِ
باحثاً وكأنَّ الخبرَ المؤكَّدَ في انتعالِ القلبَ الرماديَّ قد اغُتيلَ بضميرِ الخناجرِ

***
عما تبحث يا فتى؟
!
عما تبحث؟
!
وعلى بُعدِ تلكَ المسافةِ من الدمِ المسفوكِ في أحرفِ الجرِّ
كان الاسمُ ممدداً كجثةٍ هامدةٍ في صُندوقِ عُرسِها المنتظر
عما تبحث؟
!
وعلى شُرفةٍ لِبَوْحِ النثرِ في مضاجعِ القصيدةِ الصماءِ
كان الملحُ جيشاً ينشدُ رذاذَ الجرحِ على إيقاعِ نبضِها المحتضر
عما تبحث؟
!
وعلى أرصفةِ القلبِ في انتظارِ حافلةِ الحبِ من اللاعودةِ
كان الصمتُ أولَّ المحترقينَّ بوهجِ نبضاتِ ثوبِ قلبها الجديد
عما تبحث؟
!
وكأنك لم تُدرك أنَّ لا جدوى
لمشاجرةِ البحثِ والأفيونِ في خيامِ صدرِها اللقيط

***
ولمساءٍ آخرٍ في احتدامِ الرغبةِ ما بينَ المناداةِ وزهرِ البارودِ
كان اسمُكَ صوتاً حياً يخرجُ من فوهةِ ثغرٍ يرتشفُ الحرفَ الشبيهَ
ليلتقيَّ على عجلةٍ من أمرهِ بحيثياتِ اللفظِ العتيق
حينها كان اللفظُ سائحاً أو بائعاً أو نازحاً
أو لربما عاملاً نشيطاً في مؤسسةِ الزواجِ التجارية
قد جاء ليتقصى حقيقةً ما عن وجبةِ حبٍ سريعة

***
مصادفةً في ليلِ تموز أو مراهنةً على كل ماضٍ من بداياتِ أيلول
يستسيغُ لكَ البنفسجُ موعداً قمرياً يلهو بوحلٍ يتراكم فوقَ الشبكةِ البصرية
لتمضي إجازتك الأخلاقية على جناحِ غيمةٍ تطارُد الريحَ ممارسةً في فنادقِ الإنسانية
وكأنَّ الذي حدثَ لك يوماً، لم يحدثْ لولا وجودِ ما يُنصِفُك َمن أدواتِ التشبيهِ الجائعة في كيمياء الأبجدية
فلك الحق أنْ تمضيَّ باكياً تحت سماء اللغة لتحتفلَ بميلادِ الهزيمةِ الخامسِ سراً
ولك الحق أنْ تمضيَّ نازفاً خلفَ جنازةٍ بعمر الطفولة الشقية دون مستقبلين أو مودعين
لتكُنْ وحدَكَ هناك في مراسيمِ التشييعِ والوداع حاملاً نعشها بهتافات المطر الملطخِ بعقاقيرِ التاريخ

***
وبأشياءِ الغيابِ انتظْرها لتموتَ قُربَ دمِكَ مودعةً بقايا ظلها الخبيث
بأشياءِ الغيابِ لا تُصغي لنعشها الهارب للحياة ولا تتكلم بصمتِ الحضور
و لا تقلقْ من مآثر الخبيةِ الشرقيةِ في ملاجئِ الروح

فلا بدَّ للضباب الأنيق الرزين أنَّ يغازل دورتها الدموية المضمحلة
كي يستقرَ بحضارةِ الالتصاقِ على ترابِ نعشِها القادمِ من مستنقعِ الذاكرة